IsDBالتقرير السنوي
2024

تمارس التوتراتُ والصراعاتُ الجيوسياسيةُ ضغوطاً هائلةً على البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية (“البنك”)، فتزيدُ من حدّة المشكلات الإنمائية القائمة، كانعدام الأمن الغذائيّ، وانتشار الفقر، وتغيُّر المناخ. وهذه الحالة مثيرةٌ للقلق، ولا سيما أن 43.9% من البلدان الأعضاء في البنك مصنَّفةٌ في عداد البلدان الأقل نموّاً، منها 18 بلداً هشّاً ومتضرراً من النزاعات، و31 بلداً شديد الاعتماد على السلع الأساسية، وهو ما يجعلها عرضةً للصدمات الاقتصاديّة وعدم الاستقرار.

وقد واجه البنك هذه المشكلات المستعجَلة، فأعاد مواءمة استراتيجيته العشرية الحالية (2015-2025) مجاراةً لتطوُّر احتياجات بلدانه الأعضاء. وتنصبُّ إعادةُ المواءمة هذه على ثلاثة محاور هي: تعزيز جهود التعافي، وبناء القدرة على الصمود، وحفز النموّ غير المضرّ بالبيئة.

ولما كانت الاستراتيجية الحالية تشارِف الانتهاءَ سنة 2025، فإن البنك أخذ في صياغة استراتيجية عشرية جديدة تقوم على عوامل التمكين المنصوص عليها في “إعلان الخمسينية في الرياض”، الذي صدر في شهر مايو 2024 احتفالاً بالذكرى السنوية الخمسين لإنشاء البنك. وتتمثل عوامل التمكين هذه في تطوير الحوكمة؛ ورفع مستوى التمويل الميسَّر من أجل سدّ الاحتياجات التمويلية المتزايدة للبلدان الأعضاء؛ وزيادة حجم المنح المالية بفضل الشراكات؛ وترسيخ دور مجموعة البنك في القطاع الماليّ الإسلاميّ؛ وتوطيد التعاون فيما بين بلدان الجنوب.

وفي سنة 2024، أحرزت مجموعة البنك الإسلاميّ للتنمية (“مجموعة البنك”) تقدُّماً كبيراً. فقد بلغت اعتماداتُها الصافية التراكمية 194.8 مليار دولار أمريكي، وبذلك زادت زيادةً مهمةً عن مبلغ 150.0 مليار دولار أمريكي المحقَّق سنة 2020. وارتفعت اعتماداتُها الصافية السنوية إلى 13.1 مليار دولار أمريكي مقابل 11.7 مليار دولار أمريكي سنة 2023. أمّا مساهمات مختلف كياناتها، فكانت كما يلي: 7.3 مليار دولار أمريكي من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، و5.1 مليار دولار أمريكي من موارد البنك الرأسمالية العادية، و663 مليون دولار أمريكي من المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاصّ، و46.6 مليون دولار أمريكي من صندوق التضامن الإسلاميّ للتنمية، و12.9 مليار دولار أمريكي من المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات في إطار الأعمال المؤمَّنة.

وقد عادت هذه الاعتمادات المالية بمنافع كبيرة على البلدان الأعضاء، وعلى الجاليات الإسلامية في البلدان غير الأعضاء أيضاً. فساهمت مساهمةً فعالة في حل مشكلات التنمية البشرية العويصة، ومكَّنت من تعزيز القدرة على الصمود، ومن النهوض بالاستدامة على المدى البعيد. وفضلاً على ذلك، واصل البنك تحسين فعاليته المؤسسية، فأولى الاهتمام لمجالات كالحوكمة الشرعية، وتدبير المخاطر، والموارد البشرية، وممارسات التوريد، وهو ما مكَّنه من الاستمرار في الوفاء باحتياجات الأطراف المعنية.

وأبان أداءُ البنك الماليُّ، خلال سنة 2024، عن نموّ قويّ تمثَّل في دخل صافٍ قدره 388.1 مليون دينار إسلاميّ (وهو ما يمثل زيادة بنسبة 22.5% عن صافي دخل سنة 2023). ويعزى هذا النموّ إلى أداء فعّال في جميع مجالات البنك الأساسية وإلى ظروف السوق المواتية، وذلك على الرغم من اضطرار البنك إلى زيادة مخصَّصات انخفاض القيمة في إطار تمويل عملياته في البلدان الهشة والمتضررة من النزاعات. ويُتوقَّع أن يحقق البنك نموّاً مطّرداً سنة 2025 بفضل قوّة ميزانيته العمومية، وتنوُّع مصادر دخله، واهتمامه بتدبير المخاطر.

واستطاع البنك تحقيق هذه الإنجازات الهامّة بفضل ما تقدِّمه البلدان الأعضاء من دعم متواصل، اتخذ شكل مساهمات متعدِّدة في الزيادات العامّة والخاصّة في رأس المال. وقد دخلت أحدثُ زيادة خاصة لجمهورية إندونيسيا حيّز النفاذ سنة 2024. وعلى أثر ذلك، وُجِّهت الدعوة إلى جميع البلدان الأعضاء لزيادة حصصها من الأسهم إلى مستويات ما قبل هذه الزيادة الخاصة في رأس المال. ويُتوقع أن تؤديَ هذه المبادرة إلى تدفقات رأسمالية إضافية كبيرة من شأنها أن تمكِّن البنك من تعزيز مركزه الماليّ وتمويل المزيد من المشاريع والمبادرات الإنمائيّة في بلدانه الأعضاء.

وأثنت وكالاتُ التصنيف الائتمانيّ العالميةُ على هذا الدعم الشديد الذي تقدِّمه البلدان المساهِمة، واعتبرته عاملاً أساسيّاً في حصول البنك على تصنيف ائتمانيّ ممتاز (AAA)، ما فتئ يتجدَّد منذ أكثر من عقدين من الزَّمن.

في سنة 2024، أبان البنك الإسلامي للتنمية (“البنك”) عن التزامه وقدرته على الصمود، فقدَّم مساعدة مالية أساسية لبلدانه الأعضاء على الرغم من الصعوبات المتزايدة والأزمات الإنسانية المستمرة. وقد بلغ صافي الاعتمادات 13.2 مليار دولار أمريكيّ، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 12.3% عن السنة السابقة. ويجسّد هذا النموّ جهود البنك المتواصلة الرامية إلى مساعدة البلدان الأعضاء على التصدي لقضايا عاجلة، منها الأمن الغذائي وبناء القدرة على الصمود، في أعقاب النزاعات في كل من أوروبا الشرقية وأفريقيا والشرق الأوسط. وإضافة إلى ذلك، استفاد البنك من موارد الجهات الشريكة، وأعاد تنشيط حوكمته حرصاً على تقديم التمويل الإنمائي المؤثِّر. وفيما يلي أبرز اعتمادات سنة 2024: